بندقية عساف فى حنجرته بقلم:د.عبير عبد الرحمن ثابت
تاريخ النشر : 2013-06-22
بندقية عساف فى حنجرته
د.عبير عبد الرحمن ثابت
كشوق حنضلة ناجى العلى للعودة .. وثورة محمود درويش بالحروف .. وإبداعات توفيق زياد بالشعر .. وألحان أبو عرب للثورة .. وحب فدوى طوقان وسميح القاسم للوطن .. ها هو محمد عساف ينضم لقائمة تطول من المبدعين والفنانيين الفلسطينين الذين أثبتوا للعالم أجمع بأن الشعب الفلسطينى يستحق الحياة ويجيد حياكة لحظاته الجميلة وسط الألغام وعلى صوت الرصاص يعزف أجمل الألحان .
محمد عساف ابن فلسطين وعصفور غزة يغرد فى سماء الوطن العربى حاملاً بندقية السلام فى حنجرته .. فكما كل الفلسطينين يؤمن بعدالة قضيته وحقوق شعبه المسلوبة .. وبحنجرته يوصل عشق الفلسطينى للحياة الأمنة وحلمه بمستقبل مشرق كما كل الشعوب بالعالم .
فالموسيقى لغة خاطبت كافة الكائنات الحية عبر العصور ، وأثرت فى أصحاب القلوب الغليظة وأسرت الطير وروضت الحيوان ، ويُحكى فى الروايات القديمة " بأن الطير والوحوش كانت تصغى إلى صوت النبى داوود ، والسبعين نغمة التى كانت تصدرها حنجرته وكان من يسمعه يغمى عليه من الطرب ، وتؤكد روايات أخرى بأن الجَمل يغير خطواته بحسب تغيير الايقاع والوزن ، والغزال يسهل قيادته بالالحان ، والنمل يرتمى فى النار على صوت الموسيقى . ولقد أشتهر العرب باهتمامهم بالموسيقى والفن وتطوير الالات الموسيقية ومن أهمهم الفارابى الذى ابتكر الربابة والقانون فى القرن العاشر الميلادى .. والفلسطينيين هم جزء من تلك النسيج العربى .. فكما غنى عبد الوهاب فى فلسطين ولفلسطين " أصبح الان عندى بندقية ، وأم كلثوم غردت فى حيفا والكثير من عمالقة الفن العربى حلموا بالغناء لفلسطين .. اليوم يخرج من أعماق فلسطين صوت ثائر يخطف انتباه كل من يسمعه يحمل فيه ترددات مقاومة تعبر عن عمق انتمائه لعروبته وفلسطينيته .
محمد عساف أصبح حديث الشارع الفلسطينى مؤيديه ومعارضيه .. حالة فلسطينية مشتركة يتناولها الجميع فى جلساتهم منهم من يصوت له ويدعو له بالفوز ومنهم من يعترض عليه لمفاهيم خاصة بهم .. ولكن لا يختلف أحد بأنه حالة فلسطينية نادرة خرجت من تحت أنقاض غزة لتكسر حصارها ، وتخبر العالم بأن فلسطين بها أُناس يؤمنوا بمقاومة الحناجر والكلمات والألحان والرسم والفن وكافة أشكال المقاومة اللا عنفية .. وهناك الاف المواهب الفلسطينية بالضفة وغزة بحاجة لفرصة لإظهار موهبتها وإعلاء اسم فلسطين عالياً.
اليوم نشكر محمد عساف سفير فلسطين للمحبة والسلام على رفع كوفية ختيارنا أبو عمار رحمه الله فى كافة البيوت العربية .. وعساف حاز على لقب البرنامج بالتفاف الشعب الفلسطينى بكافة أطيافه وشرائحه .. ربما لن يستطيع توحيد المنقسمين ولكنه بكل تأكيد استطاع إدخال الفرح والبسمة للبيت الفلسطينى الذى غاب عنه الفرح طويلاً
أصبح وجه عساف مرسوم فى شوارع فلسطين .. يحاكى قهوة المحبين للوحدة والحرية والوطن .. وصوته يحمل جرحين جرح الانقسام وجرح الاحتلال ويغنى لشفائهما.. ستشتهى الطفولة بريق عينيه وضحكته مساء كل جمعة .. ولكنه سيبقى كالأشجار المعمرة .. وكالشواطئ الساكنة .. والطيور المسافرة .. وكرائحة الياسمين يشع بسمة وحياة فى سماء فلسطين والعالم العربى ..
عساف حالة استثنائية لن تختفى من الأذهان .. ستطول الذاكرة فَرحة بحضوره .
موضوع: بندقية عساف فى حنجرته بقلم:د.عبير عبد الرحمن ثابت 
الأحد يونيو 23, 2013 9:40 pm
