الهروب الكبير في العراق (2-3)

اصداف
الهروب الكبير في العراق (2-3)

في كل ساعة يذوق آلاف الأبرياء مرارة التعذيب الوحشي في جميع السجون والمعتقلات العراقية، ومعروف أنه يتوزع المعتقلون في العراق على أكثر من تسعمائة سجن، يتشابه التعذيب في الغالبية العظمى منها، ومن بين تلك السجون "سجن الحوت" في التاجي، وهذا السجن يتطابق ما يحصل بداخله مع اسمه، فمن يدخله لا يخرج، ومن تتاح له فرصة المغادرة، فهذا يعني أنه قد دفع مبالغ طائلة لرجال المالكي في السجن، بعد أن باع بيته وكل ما يملك ليشتري حياته، وبعد أن عانى وقاسى البشاعة بكل تفاصيلها، ولمن لا يعرف ما يحصل بداخل سجون المالكي، أو ربما لم تصله الصورة، نقول، داخل السجون تبدأ سلسلة التعذيب البشع بأوامر مباشرة من نوري المالكي، ومعروف ظهوره في قناة العراقية التابعة للحكومة في أحد أحياء بغداد ليلا وأثناء حظر التجوال، لأنه لا يستطيع الظهور بين أبناء العراق وأصدر توجيهاته للأجهزة الأمنية بصوته وصورته، موجها بضرورة مداهمة البيوت في كل وقت، وهذا موثق ولا يستطيع أحد إنكاره.
قصص تعذيب لا يقل عن مليوني عراقي وقعوا أسرى عند قوات المالكي فقط منذ عام 2006 ،عندما سلطه الأميركيون على رقاب العراقيين، يتحدث بها العراقيون، ووقائع موت آلاف العراقيين بسبب التعذيب الوحشي لأجهزة المالكي في تلك السجون يتحدث بها العراقيون أيضا ولا يستطيع أحد إنكارها.
سجن أبو غريب، أصبح من يدخله منذ عهد الأميركيين يصبح غريبا قولا وفعلا وواقعا، فهو في وسط الجحيم، وقصص التعذيب الوحشي يشيب لسماعها الولدان.
من بين جدرانه خرجت أكبر فضائح الأميركيين عام 2004، بعد أن تسربت بعض الصور القليلة من زنزانات الإجرام في أبو غريب، وكتب عنها الصحفي الأميركي الشهير سيمور هيرش، لتغلق بعد ذلك جميع النوافذ التي يمكن لها إعطاء بعض التفاصيل عن الجحيم الأميركي في السجون، لكن الذين صمدوا من رجال العراق بوجه التعذيب والسجانين وخرجوا بعد ذلك وهم بمئات الالاف من مقاومي الاحتلال، يتحدثون عن تلك البشاعات، وقبيل خروج الأميركيين جهزوا أدوات التعذيب البشع من عناصر داخل الأجهزة الأمنية المرتبط بالمالكي، لتتواصل حفلات التعذيب بحق رجال العراق .
يقع سجن أبو غريب في منطقة غرب بغداد على الطريق الرابط بين العراق وسوريا والأردن، وقد أوقع أبناء هذه المناطق ورجال فصائل المقاومة خسائر جسيمة بالقوات الأميركية منذ بداية الاحتلال عام 2003 حتى هروبها الكبير أواخر عام 2011، وسارعت تلك القوات لتحويل هذا المكان لتعذيب وقتل العراقيين والعراقيات.
يبعد سجن أبو غريب بحدود 35 كيلومترا عن بغداد وبحدود 15 كيلومترا عن مطار بغداد.
نقل الأميركيون مخاوفهم من هذه المنطقة إلى نوري المالكي، فنشر قوات كبيرة جدا فيها، هناك فرقة عسكرية بكامل تجهيزاتها وسلاحها وضباطها وافراده تنتشر في المنطقة وعلى مساحات شاسعة جدا، ومثلما يعاني أبناء التاجي وأهلها الكثير من قوات المالكي، فإن أبناء وأهل أبو غريب يعانون من بشاعة ممارسات القوات المنتشرة في مناطقهم القبلية والعشائرية، لا يمر يوم واحد بدون اعتقالات وإهانات وبذاءات من العاملين في تلك القوات بحق أبناء المنطقة، يقتلون في الشوارع ويموت الرجال تحت التعذيب البشع، يقطعون الطرقات ويفرضون حظرا للتجوال متى شاؤوا .
سنوات طويلة وممارسات هذه الأجهزة لم تنقطع بحق المعتقلين في سجن أبو غريب الرهيب.
ينظر الآباء والأمهات إلى السجن، وتتطافر أمام أعينهم صور البشاعة والتعذيب التي يتعرض لها الرجال على أيدي الجلادين في كل لحظة.

وليد الزبيدي* كاتب عراقي